mercredi 8 mai 2013

رسم الخرائط بـ«الإنترنت» يمهد لعصر ذهبي














لعبت الشبكة العنكبوتية دوراً مهماً في تغيير الطريقة التي تعد وترسم بها الخرائط، على نحو يمكن الناس العاديين الذين يطلق عليهم وصف «رسامي الخرائط المواطنين» من العمل جنباً إلى جنب مع المغامرين الشجعان والجغرافيين المحترفين. ليبدأ عصر ذهبي ثان لرسم الخرائط على الإنترنت، يجلب معه فوائد اقتصادية واجتماعية لا تقل أهمية.

والواقع أن الخرائط الدقيقة تكسر الحواجز الجغرافية، وتعمل على تمكين الأفراد من الوصول إلى وجهاتهم المرغوبة، وتمكين الشركات من الوصول إلى المستهلكين في أي مكان، وإثراء آفاق البشر.

فيغتنم الذين لا تربط بينهم أي سمة مشتركة غير الدخول إلى الإنترنت، الفرصة لوصف الأماكن التي يعرفونها ويحبونها، لمساعدة جيرانهم على التنقل، أو لإعطاء الذين يعيشون في أماكن بعيدة لمحة عن بيئاتهم المحلية.

ويعدّ نوي دياكوباما، المهاجر من جمهورية الكونغو الديمقراطية ويقيم الآن في العاصمة الفرنسية باريس، واحداً من الرواد الشجعان في هذا القرن، فباستخدامه لأدوات رسم الخرائط على شبكة الإنترنت، أنشأ أول خريطة لقريته مبانداكا، والتي عَدَّلها هو وزوجته أكثر من مئة ألف مرة منذ عام 2009، ليسهم في وضع قريته، وأهلها الذين يعيشون فيها على الخريطة حرفياً.

وهو لا يعتبر الرائد الوحيد في هذا المجال، فهناك مجموعة متنامية من رسامي الخرائط على الإنترنت، الذين يعملون على إنشاء خرائط يمكن عبرها الوصول بسهولة لمناطق أقل شهرة وتسهم في تغيير حياة الناس في هذه العملية.

وخلال عصر الاستكشاف الذي امتد من القرن الخامس عشر إلى السابع عشر، انطلق مغامرون مثل كريستوفر كولومبوس وفرديناند ماجلان وجيمس كوك في رحلات محفوفة بالمخاطر إلى بلاد بعيدة، يرسمون خرائط تفصيلية لرحلاتهم، فأسهموا في توسيع نظرة الناس للعالم، وتحسين التجارة، والتمهيد لدخول عصر الثورة الصناعية.

واليوم، يأتي أشخاص مثل نوي في طليعة عصر ذهبي ثان لرسم الخرائط، وهو ما يمهد لجلب فوائد اقتصادية واجتماعية لا تقل أهمية. والواقع أن الخرائط الدقيقة تكسر الحواجز الجغرافية، وتعمل على تمكين الأفراد من الوصول إلى وجهاتهم المرغوبة، وتمكين الشركات من الوصول إلى المستهلكين في أي مكان، وإثراء آفاق البشر.

رسم الخرائط

وباستخدام أدوات الإنترنت يسهم الرسامون في تحقيق الهدف المشترك المتمثل في إنشاء خريطة رقمية للعالم.

حتى إن البعض ينظمون "حفلات رسم الخرائط"، حيث تلتقي المجموعات وتلتف حول أجهزة الحاسوب، لإضافة طبقات من التفاصيل التي تتجاوز التضاريس.

ومن خلال ضم عناصر إنسانية، مثل المقاهي الشعبية أو مسارات التريض المحلية، يعملون على إنشاء أدوات شاملة مفيدة للآخرين، وتعزيز فهمهم لمجتمعهم.

وبالإمكان أن تكون الخرائط الرقمية ديناميكية بقدر ما تتمتع به المجتمعات التي تصفها من ديناميكية.

ففي حين تستطيع الخرائط الورقية تقديم تصوير دقيق لمعالم ثابتة مثل الأنهار والجبال، فإنها غير قابلة للتحديث بسهولة عندما تقام بنايات جديدة، أو تمد الطرق، أو تفتتح مطاعم جديدة.

وعلى النقيض من ذلك فإن الخرائط الرقمية قابلة للتعديل بشكل فوري، وهذا من شأنه أن يجعل السكان المحليين مطلعين بشكل دائم على التطورات في مناطقهم ويساعد الزائرين على الشعور وكأنهم من السكان المحليين في أماكن غير مألوفة.

وعلى نحو مماثل، يمكن تفصيل الخريطة الرقمية لتلبية اهتمامات أو احتياجات فرد بعينه.

فقد يكون أحد راكبي الدراجات راغباً في الحصول على خريطة توضح مسارات الدراجات، بما في ذلك معلومات عن التضاريس، ولكن السائح قد يفضل الحصول على خريطة تبرز معالم الجذب السياحي أو تشير إلى شبكات النقل العام.

ويؤدي هذا النوع من التخصيص وفقاً لاحتياجات العملاء إلى نشوء عدة ملايين من النسخ للعالم، وكلها تتمتع بالدقة.

إن الأدوات الحديثة مثل الخرائط والملاحة بالاستعانة بالأقمار الصناعية تسهم سنوياً في توفير نحو 3.5 مليارات لتر من البنزين وأكثر من مليار ساعة من زمن السفر.

ونتيجة لهذا، أصبح المزارعون أكثر قدرة على الوصول بسلعهم إلى السوق قبل تلفها، وإنشاء شبكات ري أكثر كفاءة، مما يعني توفير نحو ثمانية مليارات إلى 22 مليار دولار للصناعات الزراعية سنوياً.

إن الزخم المتزايد الذي تكتسبه حركة رسم الخرائط يعد بالتوصل إلى تمثيل دقيق وشامل لكل شبر من العالم تقريباً، وهذا من شأنه أن يخلق فرصاً متزايدة للنمو الاقتصادي، ويساعد في تحسين القدرة على الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات، ويسهم في التنمية الاجتماعية، ويوسع نظرة الناس إلى العالم، مجازياً وحرفياً.

في محاولة لتطوير المعرفة الجغرافية بالعالم الذي نعيش فيه، تعود المستكشفون الخروج إلى البحر، وتحمل أحوال جوية قاسية وأمراض منهكة، وكانوا على غير يقين بالأماكن التي يقصدونها، أو ما إذا كان بوسعهم العودة إلى ديارهم.

وفي حين لا يواجه راسمو الخرائط على شبكة الإنترنت اليوم المخاطر نفسها، فإنهم أيضاً ينطلقون في رحلة إلى المجهول بحثاً عن المعرفة، والإثارة، وحياة أفضل.



اثار ايجابية

تؤثر تكنولوجيا رسم الخرائط الرقمية بشكل عميق للغاية في المناطق النائية وغير النامية من العالم.

ففي إفريقيا ارتفعت نسبة تغطية الطرق على خرائط غوغل من 20% في العام 2008 إلى 75% في العام الماضي، في حين ارتفع عدد المدن والقرى التي توفرت لها خرائط تفصيلية بنسبة تتجاوز 1000%.

ولم يكن هذا سبباً في تيسير التجارة والنقل فحسب، بل إنه يترجم أيضاً إلى زمن استجابة أسرع لخدمات الطوارئ.












Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire